•   شخصيات تختبىء وراء إدراكها
  • أريدك أن تصنع فيلماً عن معاناتي
  •  بركات الحضارة
  •  أشياؤه المفقودة
  •  كل الحيوانات تخرج ليلاً
  •  اللحظات المختلسة
  •  الفن والحب والحياة
  •  عن أحياءٍ لم يعودوا يحيون وأمواتٍ لا يموتون أبداً
  •  روسيا بوتن في شتائها الثاني عشر
  • أفكاره ومشهديته تجعله يستحق المشاهدة
  • الإضافة من خلال الحذف

الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

A Civil Action

كتب : عماد العذري

بطولة : جون ترافولتا , روبرت دوفال , ويليام هـ. ميسي , جيمس غاندولفيني
إخراج : ستيف زايليان


إقتباساً عن قصة حقيقية قدمها كتابٌ لجوناثان هار , تأتي هذه التجربة الإخراجية للسيناريست الحائز على جائزة أوسكار عام 1993 عن لائحة شندلر , أحداث الفيلم تدور في إيست ووبرن عام 1979 , محامي الضرر الشخصي جان شليكمان يتعرض لإحراج على الهواء مباشرة في برنامج إذاعي يشارك فيه بسبب تجاهله لإتصالات هاتفية من آن أندرسون الأم التي فجعت بوفاة إبنها نتيجة إصابته باللوكيميا , و التي تمتلك دوافع قوية للإعتقاد بأن هذا حدث نتيجةً لمياه الشرب الملوثة في المنطقة , شليكمان يعدها بالنظر في موضوعها رغم أن القضية بنظره غير مضمونة مادياً , و رغم ذلك يذهب الرجل لمقابلة أندرسون و أصدقاءها الذين يمتلكون ذات الدوافع , في هذه المقابلة يرفض شليكمان تولي هذه القضية لهلامية المسئول عن الضرر الذي يمكن لشليكمان أن يواجهه , في طريق عودته يقف شليكمان على مصادر تلك الشكوك عندما يرى الأعمال المقامة على ضفاف النهر الذي يغذي مشروع مياه الشرب لتلك المنطقة , غريس و بيتاريس , شركتان عملاقتان تلوثان مياه النهر , وهما في الوقت ذاته منجم ذهب لمحامي الضرر الشخصي الذي رأي فيها الآن قضيةً مهمة بالنسبة له , ليبدأ حربه الحقيقية ضدهما ..

في الواقع هذا العمل يعاني من نقاط قصور واضحة , نقاط قصور آتية من النص و أخرى من العملية الإخراجية و كلا العمليتين يقف وراءها ستيف زايليان , زايليان يحاول إفتتاح فيلمه بتبني وجهة نظر محامي الضرر الشخصي , وهي وجهة نظر مادية بحتة , أولئك الأشخاص الذين تكمن أهميتهم في مصائب غيرهم , العقبان الذين ينتظرون الفريسة للإنقضاض عليها , وهو توجه جيد لتغذية العمق الذي يفترض أن الكاتب سيركز عليه , لكن فجأة يتحول الفيلم في منعطف غير ممهد له لتبني وجهة نظر أخرى , جيدة هي الأخرى , عن السم الذي يفتك بمحامي الضرر الشخصي , التعاطف الشخصي الذي يبديه تجاه موكليه , المشكلة الواضحة التي يعانيها النص , وبالتالي الإخراج , في هذه المرحلة التأسيسية من الفيلم هو منطقية الإنقلاب و ظروفه , فالمنطق يفترض أن يتولى شليكمان هذه القضية بدافع مادي بحت يكمن في شركتين عملاقتين تقفان وراء موت أطفال المنطقة , لكن شليكمان يتحول إلى مناصر حقيقي للقضية في مرحلة لا تقدم أي تواصل حقيقي مع أهالي الضحايا , في مرحلة يعمل فيها شليكمان و طاقمه على القضية و يجرون تحقيقاتهم فيها , هذه المرحلة تجعل الإنقلاب هزلياً إلى حدٍ ما و غير مفسر بطريقة تجعله ممكناً ..
قوة الفيلم الحقيقية تكمن في فترة التحقيقات التي يجريها شليكمان و طاقمه , مرحلة مقدمة بشكل جيد خدمتها أداءات جيدة من عمال المصنع خصوصاً من جيمس غاندولفيني , نجد في هذه المرحلة عمال المصنعين يعانون صراعاً بين الولاء تجاه العمل الذي يكسبون منه لقمة العيش و بين ضميرهم , لذلك يأتي إنهيار الخصوم من منطلق أن فاقدي الولاء هم من سيتكلمون , أولئك الذين تضرروا بشكل شخصي من القضية , أو أولئك الذين تركوا العمل لدى الشركتين , و رغم ذلك يقدم تعاطف شليكمان تجاه موكليه بطريقة مهزوزة رغم حدوثه تدريجياً خصوصاً مع إصراره على تعويض مقداره 320 مليون دولار في فترة مادية سيئة جداً لمكتبه الذي يعاني من ضغط دائنيه و يضطر لوضع خطة لخفض النفقات , قبل أن تنحدر المجموعة , و بطريقة هزلية أيضاً , نحو القروض و بيع الممتلكات الشخصية ..
علاوةً على ذلك تأتي المحاكمة المشوشة جداً و الممهد لها بطريقةٍ مختلفة تماماً , من خلال إحساس مكثف يخلقه العمل نحو مواجهة عسيرة تنتظر شليكمان مع المحامي الأسطوري و الأستاذ في هارفرد جيروم فاشر , و هي مواجهة لا تحدث و تجعل كل ذلك التأسيس لشخصية فاشر يبدو فائضاً و مبالغاً به و لا معنىً له , رغم أداء ممتاز قدمه لها الأسطوري روبرت دوفال , هذه المحاكمة تنتهي إلى لاشيء عندما يرفض شليكمان تعويض بياتريس بعشرين مليون دولار , و يخسر القضية ضدهم , ثم يرفض عرض الثمانية ملايين دولار و يضطر لبيع كل شي يملكه , و الغريب أن كل هذا يحدث دون أن يشعر المشاهد بتعاطف حقيقي تجاه المجموعة , ربما لأنها مقدمة بطريقة تجعل شليكمان ليس فقط محورها الأهم , بل الرجل الوحيد المهم فيها ..
و عندما يصل الفيلم إلى نهايته يصر ستيف زايليان على إشعارنا بتعاطف غير موجود , تجاه بطله خصوصاً مع حريق صغير يسقط الشركتين أرضاً و يقود لأكبر عملية تنظيف في تاريخ الولايات المتحدة , و هي فترة من الفيلم مختزلة جداً و مقدمة بطريقة سريعة و كأنما أصر زايليان على إيجاد نهاية لفيلمه , رغم بقاء القضية غير مشبعة , تتبنى نغمة عاطفية و تحولاً درامياً غير ممهد له , و ينتهي بأسلوب إستكمال الأحداث كتابياً , و هو أسلوب لا يفي بالغرض مطلقاً ..
دعوى مدنية , فيلم متوسط المستوى يقدم أداءات جيدة , لكنه يمتلك نقاط ضعف فتكت به , ومنعت مشاهده من التواصل معه نفسياً و عاطفياً , أمورٌ تلافاها بعده بعامين ستيفن سودربرغ و هو يقدم رائعته إيرين بروكوفيتش ..

التقييم من 10 : 5.5


0 تعليقات:

إرسال تعليق

free counters