•   شخصيات تختبىء وراء إدراكها
  • أريدك أن تصنع فيلماً عن معاناتي
  •  بركات الحضارة
  •  أشياؤه المفقودة
  •  كل الحيوانات تخرج ليلاً
  •  اللحظات المختلسة
  •  الفن والحب والحياة
  •  عن أحياءٍ لم يعودوا يحيون وأمواتٍ لا يموتون أبداً
  •  روسيا بوتن في شتائها الثاني عشر
  • أفكاره ومشهديته تجعله يستحق المشاهدة
  • الإضافة من خلال الحذف

الجمعة، 24 مايو 2013

كان 66 : بعد 24 عاماً .. سودربرغ يضرب مجدداً


ثلاثة أيامٍ أخرى مضت ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي المستمرة حتى السادس و العشرين من مايو الجاري ، بالطبع حملت الكثير و كانت أياماً حاسمةً لمجموعةٍ ممن سبق للمهرجان أن كرّمهم في تظاهراته السابقة ، هذه المرة من خلال العروض الإفتتاحية التي حظيت بها أعمالهم ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان ، الحديث عن الدنماركي نيكولاس فينيدنغ رافن و التشادي محمد صالح هارون و الأميركي ستيفن سودربرغ .

ذكرياتٌ جميلةٌ استرجع فيها ستيفن سودربرغ وقفته هناك قبل 24 عاماً عندما أصبح – ولا زال – أصغر من نال السعفة الذهبية عن فيلمه الشهير Sex, Lies And Videotape ، و هو هنا يقدم الى المهرجان للمرة السادسة و يشارك للمرة الرابعة في المسابقة الرسمية ، العرض الإفتتاحي لفيلم سودربرغ الجديد Behind The Candelabra حظي بإستقبالٍ نقديٍ و جماهيريٍ مدوٍ فرض نفسه أحد المرشحين الكبار جداً لنيل احدى الجائزتين الرئيسيتين في المهرجان ، و بدى هذا النجاح أكثر ربما مما حلم به سودربرغ خلال عامٍ أعلنه أكثر من مرة العام الإعتزالي في مسيرته ، خصوصاً عقب النجاح الذي ناله فيلمه السابق هذا العام Side Effects .

و يطارد الفيلم العلاقة السرية التي نشأت بين عازف البيانو الممدوح فالانتينو ليبراشي و شابٍ يصغره كثيراً يدعى سكوت توماس عام 1977 و بقيت في الظل لخمس سنواتٍ من النجاح عاشها عازف البيانو المنتشي ، و يدير سودربرغ في فيلمه النجمين مايكل دوغلاس و مات ديمن ، و هو تعاونٌ ليس الأول لكلا الممثلين مع سودربرغ الذي أعلن مجدداً عن عدم تأكده من كونه سيعلن انتهاء مسيرته كما فعل في أكثر من مناسبة ، مات ديمن يشارك تحت ادارة سودربرغ للمرة السابعة ، بينما يتعاون مايكل دوغلاس مع سودربرغ للمرة الثانية بعد الفيلم الذي منح سودربرغ أوسكار أفضل إخراج قبل 13 عاماً Traffic ، و هو الدور الأول لدوغلاس بعد اعلانه التغلب على السرطان و يبدو نجاحه الملفت فيه أكبر مكافأةٍ يمكن أن يحصل عليها بعد تلك المحنة .



ضمن المسابقة الرسمية أيضاً عرض The Great Beauty العمل السينمائي الرابع للمخرج الإيطالي بابلو سورنتينو الذي يحكي من خلاله قصةً متشابكةً عن مجموعةٍ من شخصيات مجتمع النخبة الإيطالي ، جيب كامباريلا كاتبٌ و صحفيٌ في أواخر مسيرته المهنية يقف شاهداً على المجتمع المخملي لروما حيث تتشابك العلاقات بين رجال السياسة و الإقتصاد و بين النبلاء و محدثي النعمة و بين رجال الشرف و المجرمين في بيئةٍ شديدة التعقيد .

و يرى سورنتينو أنه يقدم في فيلمه صورةً مختلفةً لروما المعتادة على شاشة السينما ، و هي صورةٌ تستمد قسوتها و صدمتها من خلال تصويرها الخانق لبرجوازية تلك الطبقة التي يتناولها العمل ، و يدير مخرج Il Divo في فيلمه الجديد مجدداً نجمه الأثير توني سيرفيلو الذي شاركه أفلامه الثلاثة السابقة ، و قال سيرفيلو أن الفيلم مختلفٌ في نظرته لروما عن تحفة فيديريكو فيلليني La Dolce Vita ، و قال في معرض حديثه عن هذه المقارنة بأن فيليني كان ينظر إلى روما مستريحاً و متكئاً على درابزين ، بالمقابل ينظر إليها باولو وهو ينزل الدرج ! مع ذلك لا تبدو الأمور و كأنما سارت على ما يرام بالنسبة للفيلم بالرغم من المراجعات الجيدة و الإيجابية التي حظي بها ، و تبقى جوائز المهرجان الكبرى بحاجةٍ لما هو أكبر من ذلك .



بالمقابل كان عرضاً افتتاحياً مخيباً لـ Only God Forgives العمل السينمائي الجديد للدنماركي الشاب نيكولاس فينيدينغ رافن الذي نال جائزة أفضل إخراج في كان قبل عامين عن Drive ، و الذي يعيد فيه الالتقاء بنجمه رايان غوسلينغ الذي لا يبدو بأن إستثماره لنجاحيه السابقين مع نيكولاس فيندينغ رافن و ديريك سيانفرانس في تعاونٍ جديد قد آتى ثماره هذا العام مع الإستقبال المتوسط أيضاً لفيلم سيانفرانس The Place Beyond The Pines.

في الفيلم يحكي رافن قصة جوليان الشاب الأميركي الذي يفر من العدالة الى الشوارع الخلفية للعاصمة التايلندية حيث يستثمر نادياً للملاكمة التايلندية لتبييض أموال المخدرات ، سير حياته يتغير بظهور والدته في الصورة ، رئيسة العصابة و الأم المكلومة بمقتل ابنها المفضل بيلي و التي تريد من ابنها الإنتقام لشقيقه ، حتى بالرغم من معرفتها أن الثمن قد لا يكون بخساً أبداً .

و يقدم رافن في فيلمه الجديدة صورته المفضلة عن أشخاصٍ يسعون نحو الإنتقام ، هذه المرة مع مساحةٍ أنثويةٍ واضحة لدور الأم الذي تلعبه في أداءٍ ممدوح البريطانية كريستن سكوت توماس ، مع ذلك لم تكن هذه الأمور كافيةً لتلافي الإنقسام الواضح الذي تلقاه الفيلم لدى النقاد و الجمهور على السواء الأمر الذي يمكن اعتباره خيبة أملٍ واضحةٍ قياساً لعملٍ مرتقبٍ بشدة من مخرجٍ نال جائزة الإخراج في المهرجان عن عمله السابق.



في اليوم ذاته قدم المخرج التشادي محمد صالح هارون Grigris الذي يشكل العودة الأولى للمخرج الى كان منذ نيله جائزةً تحكيمية فيه عن فيلمه الرابع A Screaming Man ، و يحكي هارون في فيلمه الجديد قصة جيرجس الشاب التشادي الذي يقهر ساقه المشلولة في سبيل تحقيق حلمه بأن يصبح راقصاً ، ارادته و عزيمته يقربانه من ذلك ، لكن الحلم يتبعثر عندما يعلم بمرض عمه فيقرر من أجل انقاذه العمل في التهريب .

و حظي الفيلم بمراجعاتٍ جيدة عموماً و إن لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات بالمقارنة مع أعمال هارون السابقة ، و انصب المديح في معظمه على أداء سليمان ديم في الشخصية الرئيسية و على الأغاني و الرقصات المنعشة و المنفذة باحترافية عالية و لإسقاطه المعتاد على واقع المجتمع التشادي اليوم ، بينما انتقد للتحولات المتشعبة في حبكته و لإيقاعه الذي يعلو و يخفت و لا يستقر على حال .

و امتدح هارون كثيراً الأداء الملفت لبطله سليمان ديم الذي كان أشبه بالعجينة الطيّعة في يده خصوصاً فيما يخص الربط بين الأداء الراقص و القيمة الشعورية و التعبيرية له ، و قال بأن بطله عاش مغامرةً صعبةً قبل حضوره للتظاهرة عندما منعته السلطات البلجيكية من دخول فرنسا لأنه يحمل تأشيرةً عادية خصوصاً بعدما شكوا بمظهره الغريب قبل أن تتدخل ادارة المهرجان لحل المشكلة ، اليوم يبرز ديم كأحد أهم المرشحين للفوز بجائزة أفضل ممثل في المهرجان .



ضمن المسابقة الرسمية أيضاً قدم المخرج الفرنسي التونسي الأصل عبداللطيف كشيش فيلمه الجديد Blue Is The Warmest Color الذي يتناول فيه قصةً أديل المراهقة ابنة الخامسة عشرة التي لا يتجاوز عالمها التسكع و اللعب مع الرفاق ممن هم في مثل عمرها ، حياتها و مسعاها نحو النضوج ينقلب رأساً على عقب بظهور إيما ، المرأة ذات الشعر الأزرق التي تدخلها في مجاهل مختلفةٍ و غريبةٍ من اكتشاف الذات و الرغبة ضمن عالمٍ مختلفٍ تقف فيها على الحد الفاصل بين اكتشاف ذاتها و خسارتها .

و الفيلم هو العمل السينمائي الخامس للمخرج الفائز بالسيزار مرتين عامي 2005 و 2008 ، و فيه يكرس كيشيش نفسه مجدداً كأحد أكثر المخرجين العاملين في السينما الفرنسية خصوصية ، سواءً من حيث اللغة السينمائية المعتمدة على اللقطات الطويلة و الحوارات المشبعة شبه المرتجلة ، أو من خلال المواضيع التي يتناولها حيث سبر العوالم غير الاعتيادية في فرنسا المعاصرة .

و أثار الفيلم عاصفةً من الجدل لدى البعض بسبب جرأته و نوعية و طريقة تقديم المشاهد الجنسية التي تضمنها علاوةً على طول مدة عرضه ، الا أنه مع ذلك حظي بمديحٍ ملفت من قبل آخرين و اعتبر أحد المنافسين الأبرز حتى اللحظة لنيل السعفة الذهبية ، خصوصاً مع كم المديح الذي تلقته نجمتاه ليا سيدو و أديل إكزاركوبولوس و مستوى الكيمياء المذهلة الذي حققتاه أمام الكاميرا .



آخر عروض المسابقة الرسمية خلال الأيام الثلاثة الماضية كان Nebraska العمل السينمائي الجديد للمخرج الأميركي أليكساندر باين ، و الأول له منذ فوزه بأوسكار أفضل سيناريو مقتبس عن فيلمه الخامس The Descendants قبل عامين ، باين يعود من خلال قصةٍ عن رجلٍ عجوز يدعى وودي غرانت يفر مراراً و تكراراً من منزله في ولاية مونتانا ليذهب إلى ولاية نبراسكا حيث يعتقد بأنه فاز بجائزة الياناصيب هناك ، و وسط جدلٍ عائليٍ حول وضعه في مصح يقرر احد أبنائه اخذ والده بنفسه لتحقيق تلك الرحلة الوهمية ، على الطريق يعيد الإثنان اكتشاف جزءٍ من الحياة الماضية لوودي غرانت .

و بالرغم من الاستقبال الجيد للفيلم و المديح الذي حظي به للحميمية العالية التي يقدمها أليكساندر باين تجاه ولايته الأم و للأدائين الممتازين من بروس ديرن و جون سكويب ، إلا أن الفيلم عانى من ذات العقدة التي أصابت أصغر فرهادي و هيروكازو كورإيدا و محمد صالح هارون و حتى الكوينز في مقارنة أعمالهم الجديدة مع نوعية و مستوى الأعمال التي قدموها سابقاً ، خصوصاً و أن الفيلم يأتي بعد أربع نجاحاتٍ مهمة لأليكساندر باين في أفلام Election و About Schmidt و Sideways و The Descendants.


0 تعليقات:

إرسال تعليق

free counters