•   شخصيات تختبىء وراء إدراكها
  • أريدك أن تصنع فيلماً عن معاناتي
  •  بركات الحضارة
  •  أشياؤه المفقودة
  •  كل الحيوانات تخرج ليلاً
  •  اللحظات المختلسة
  •  الفن والحب والحياة
  •  عن أحياءٍ لم يعودوا يحيون وأمواتٍ لا يموتون أبداً
  •  روسيا بوتن في شتائها الثاني عشر
  • أفكاره ومشهديته تجعله يستحق المشاهدة
  • الإضافة من خلال الحذف

الأحد، 6 سبتمبر 2009

يوميات فينيسيا : ثلاث شقيقات , و طريق , و حكايا شهرزاد


الدورة السادسة و الستين من أقدم المهرجانات السينمائية في العالم إنطلقت , و مع إنطلاقها تنطلق التكهنات كل عام حول الأعمال التي يقدمها و الآمال التي تعلق عليها , و على إعتبار أن هذا المهرجان بالذات يبقى مؤشراً هاماً – و ربما أكثر من أي مهرجان آخر – على تلك الأفلام التي ستنال قبولاً في ترشيحات جوائز الأوسكار آخر الموسم , سنلقي نظرةً سريعةً في هذه اليوميات على تلك الأفلام التي يقدم مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي هذا العام .

يقول غابرييل غارسيا ماركيز بأن لكل إنسان حياة عامة و حياة خاصة و حياة سرية , دراما تود سولنز الجديدة تلامس هذه الحيوات الثلاث و تدفعها للتصادم و التضارب خالقةً حالةً عاطفيةً من نوعٍ خاصٍ جداً , الفيلم الأخير للرجل و الذي يحمل إسم Life During Wartime و يعرض في المسابقة الرسمية للمهرجان , إعتبره البعض إستكمالاً لفيلم Happiness الذي قدمه الرجل قبل عقدٍ من الزمان , مع تغييرات في طاقمه و بعض مفاتيح حبكته .

يدور الفيلم حول ثلاث أخوات : جوي التي يقف زواجها من آلن على المحك نتيجةً لمشاكله مع الجنس و المخدرات , و تريش التي يقضي زوجها السابق الطبيب النفساني بيل فترةً طويلةً في السجن بسبب شذوذه الجنسي مع الأطفال , تريش لها ولدٌ شاب يقيم بعيداً عنها في كليته , و آخران صغيران تتكفل وحدها بأمور معيشتهما , و الثالثة هيلين كاتبة النصوص السينمائية الناجحة التي تقيم في لوس أنجلوس بعدما قطعت علاقاتها مع بقية أفراد العائلة .

تتشابك القصص الثلاث من جديد عندما تهرب جوي من مشاكلها الزوجية لتلتقي بشقيقتها تريش التي إنتقلت إلى فلوريدا لتبدأ حياةً جديدة , و تحاول هناك إعادة المياه إلى مجاريها مع شقيقتها الأخرى هيلين , و تتعقد الأمور عندما يبدأ بيل بمطاردة زوجته السابقة تريش و ولديه تيمي و كلوي الذين أخبرا منذ طفولتهما بأن والدهما ميت , حبكة إعتبرها البعض عملاً جدياً مقدراً عن الذنب و الغفران , خصوصاً عندما يتعزز هذا بالعلاقات التي تشكلها الشقيقات الثلاث في حياتهما الحالية مع أشخاصٍ آخرين يحملون قصصاً أخرى تبعث على الأسى و الضحك أحياناً كما يقول سولنز عن فيلمه .



بالمقابل يبقى The Road واحداً من أكثر الأفلام إنتظاراً التي يقدمها المهرجان للمرة الأولى , العمل السينمائي الجديد للمخرج الأسترالي جون هيلكوت و الذي يأتي إقتباساً عن روايةٍ نالت جائزة بوليتزر الأدبية الرفيعة للكاتب الأمريكي الشهير كورماك مكارثي يثير إنقساماً يميل ليكون في مصلحته إجمالاً , العروض الأولية للفيلم إعتبرته رحلةً شاعريةً تظهر – في تجربةٍ سينمائية نادرة – حجم التقزيم الذي يبدو عليه الإنسان في مواجهة الطبيعة , خصوصاً عندما تكون الصورة فارغةً إلى درجة الخواء من أي ملمحٍ بشري في أميركا ما بعد الفناء , حيث تحولت القارة برمتها إلى صحراء جرداء عقب حدثٍ كارثي غير محدد قضى على معظم سكانها , من ضمن من تبقى حياً رجل و إمرأة ( يسميهم مكارثي الرجل و المرأة ) يؤديهما فيغو مورتينسن و تشارليز ثيرون , لديهما ولد ( يؤديه كودي سميت ماكفي ) , يخوضون رحلةً صعبةً وسط موجة البرد الساحقة التي قضت على مظاهر الحياة النباتية و الحيوانية , و ذات ليلة تغادرهم المرأة , ليبدأ الرجل و الولد رحلتهم جنوباً بحثاً عن مناخٍ أدفأ , لكن البيئة الجديدة التي يجب أن يعبروها مليئة بالأخطار , حيث تعرض لهزات أرضية , و إمتلأت الغابات بالنيران المشتعلة , و مع غياب أي نوعٍ من أنواع الطعام , أصبح أكل لحوم البشر منتشراً لدى الكثيرين .

الفيلم و من عرضه الدعائي وحده يعطي صورةً دافعةً على التفاؤل خصوصاً لأولئك الذين قرأوا الرواية و إستمتعوا بهما كما حدث معي , جون هيلكوت يعيد خلق البيئة الرمادية اللون , الخاوية لكنها جميلة بالرغم من بؤسها , و عموماً لن يكون هذا هو الشيء الوحيد الذي سيأسر إهتمام النقاد و المتابعين في الفيلم , فبعض المراجعات الأولية خرجت بمديح معتبر لأداءات فيغو مورتينسن و كودي سميت ماكفي ( الطفل الذي أثار شبهه بتشارليز ثيرون إعجاب البعض !! ) , كما أن العمل بنمطه الملحمي و مذاقه الشاعري و عمق الأصل الأدبي الذي يرتكز عليه يبقى إسماً مهماً للتواجد على قائمة المرشحين العشرة لأوسكار أفضل فيلم هذا العام .



إحكي يا شهرزاد , العمل السينمائي الجديد للمخرج يسري نصر الله نال نصيبه من الإهتمام في المهرجان , ربما تعقيباً على الضجة التي أحدثها عند عرضه في مصر مؤخراً , و هي الضجة التي ترافقت مع حملة توقيعات موسعة كإدانة نجمته منى زكي بسبب الدور الذي تؤديه فيه .

يحكي الفيلم في سيناريو كتبه السيناريست الكبير وحيد حامد قصة هبة مقدمة برنامج حواري شهير في إحدى المحطات التلفيزيونية , تتزوج مؤخراً من كريم ( يؤديه حسن الرداد ) الصحفي في صحيفةٍ حكومية يأمل بأن يصبح رئيس تحريرها المقبل , يقيم الزوجان في شقةٍ أقل ما يقال عنها بأنها فاخرة , الأمور تسير على مايرام , لكن رؤساء كريم يعترضون على برنامج زوجته لإعتبارهم بأنه يركز على القصص السلبية التي تظهر الحكومة بصورةٍ غير مناسبة , و لا يجد كريم أفضل من حيله الجنسية لإقناع زوجته بتخفيف حدة مواضعيها و الإكتفاء بالتطرق لمواضيع أقل جدالية , هبة تمتثل لرغبات زوجها و تركز إهتمامها على القضايا الإنسانية و مشاكل المرأة حيث تجد نفسها في رحلة لفهم جانبٍ آخر من الحياة القاهرية من خلال القصص التي يتطرق لها برنامجها في حلته الجديدة , قصص أشبه بحكايا شهرزاد لكنها لا تولد من خيالها و إنما من رحم الوجع اليومي .

الفيلم قوبل على خلاف الجدل الذي أثاره في مصر بإعجاب واضح من قبل النقاد القليلين الذين حضروا عرضه المصغر في المهرجان يوم أمس , و صفق له الحاضرون طويلاً , و تعاملوا معه كواحدٍ من أفضل الأعمال السينمائية القادمة من الشرق الأوسط خلال الأعوام القليلة الماضية , تأكيداً لإعتباره من قبل بعض النقاد المصريين واحداً من أفضل الأعمال السينمائية المصرية التي قدمها العقد الأخير .


0 تعليقات:

إرسال تعليق

free counters